رئيس التحرير : مشعل العريفي
 كوثر الأربش
كوثر الأربش

كتاب واحد لا يكفي

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

كتاب واحد لا يمكن أن يكون سببًا كافيًا للتغيير. التغيير قرار بحاجة إلى صدمة، أعني تحديدًا: ذلك الشعور المؤلم الذي يلازم النتائج المبهرة بعد عملية تفكير معقدة. القراءة تُدخلك في صراع الفكرة، تُشعل بداخلك الأسئلة الصحيحة. إنني أخشى على الأجيال اللاحقة من فكرة وجود كتاب يمكن أن يعطيك «التغيير» على طبق من ذهب. مطلقًا، التغيير معركة ضد السكون والأنماط والرتابة والتقليدية. وهذا لا يمكن أن يصنعه كتاب واحد. الوعي يفعل ذلك، وهو عملية تراكمية معقدة.
معرض الكتاب الدولي في الرياض على الأبواب. كل كتب التطوير تلك التي يكتب عليها عبارة (الأكثر مبيعًا) فكِّر مليًّا قبل أن تعتقد أنها ستغير حياتك كليًّا. تناولها كما لو كانت تجربة، خبرة ما، فضولاً، أي شيء، عدا أن تكون سببًا لجعلك مثقفًا أو واعيًا.
تخيل أنك تحاول ملء إناء بالماء كليًّا. إن ذلك لا يحدث بالقطرة الأولى، بل الأخيرة. وإذا أردنا الحقيقة بدقة، فإن جميع تلك القطرات جعلته ممتلئًا. التغيير يحدث هنا بالتحديد: إذا امتلأ الإناء وفاض.
دع عنك تلك الأسئلة الساذجة: ماذا أقرأ؟ كيف ومتى؟
إنها انبعاث داخلي، أعني الرغبة بالقراءة. تلك الطاقة الجبارة التي بالكتاب تبحث عن طاقة موازية لأولئك الأشخاص المشتعلين برغبة القراءة.
قبل أن يفتح معرض الكتاب سيبعث من جديد السؤال القديم: ماذا أقرأ؟
الكتاب ليس علبة ماكياج، ولا وجبة في مطعم، لا تسأل الآخرين عن تجاربهم، أنت وحدك من سيعرف ما هو الكتاب الذي سينقلك لبُعد آخر من أبعاد الوعي المشرقة.
هذا لا يعني أن لا تستفيد من توصيات الآخرين، كم كتابًا قرأناه لأن أصدقاءنا اقترحوه؟ إنني أتحدث هنا عن الوعي، عن التغيير الحقيقي. إنني أبذل جهدي لإيصال فكرة أنه لا يوجد كتاب واحد، كتاب يحمل بين دفتيه ماء الوعي الذي سيغير حياتك.
أذكر أنني سألت أحد مشاهير السوشيال ميديا - وهو بالمناسبة محبوب ومتابَع من ملايين الشباب والفتيات -: هل تقرأ؟ قال: بالتأكيد. قلت: مثل ماذا؟ فأجاب بعد تفكير طويل، طويل للغاية: قرأت كتاب (من أخذ قطعة الجبن خاصتي)! ولم يتمكن بعدها من تذكُّر اسم كتاب آخر.
إنه لشيء مرعب، في الحقيقة شعرتُ بذعر حقيقي من أن شبابنا يقتدون بشخص قرأ كتابًا واحدًا في تطوير الذات!
إن كنت تعتقد بعد هذا المقال أنك ستصبح محبًّا للقراءة.. انسَ الأمر. لقد تخطيت فكرة أن تجعل أحدًا يحب شيئًا ما. الرغبة في القراءة شيء روحاني وعميق، لا يمكن ابتكاره في النفوس. لكني أحاول تغيير مفهوم الوعي، ومن أين يأتي التغيير.
إنني أتحدث مع محبي القراءة. لا تستعجل؛ كن طويل البال، واملأ الإناء قطرة قطرة إلى أن يفيض. نقلا الجزيرة

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up